للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكر المقدمي، نا حميد بن الأسود، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: "أنها استعارت قلادة من أسماء، فسقطت من عنقها، فذكَرَت ذلك لرسول الله - عليه السلام - فأرسل رجالا يبتغونها، فابتغوها فوجدوها، فحضرت الصلاة، فصلوا بغير طهور، ثم رجعوا إلى رسول الله - عليه السلام - فذكروا ذلك له، فأنزل الله الرخصة.

فقال أُسيد بن حضير: جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك وللمؤمنين خيرا".

فإن قوله: "بغير طهور" يتناول الماء والتراب.

قلت: قوله: "بغير طهور" لا ينافي أصل علمهم بأصل التيمم، ولما كان هذا التيمم المختلف عندهم كلا تيمم؛ لعدم نزول النص حينئذٍ، صاروا كأنهم صلوا بغير طهور، ولما أنزلت آية التيمم، وعرفوا صفته، عرفوا بعد ذلك أنه طهور كالماء عند عدمه، ألا ترى أن تيممهم ذلك لو كان معتبرا معتدّا به قبل نزول الآية، لما سأل عمار - رضي الله عنه - الذي هو أحد من تيمم ذلك التيمم المختلف- رسول الله - عليه السلام - عن صفة التيمم، فسؤاله هذا إنما كان بعد تيممه بذلك التيمم.

فإن قلت: هذا التيمم المختلف، هل عملوه باجتهادٍ ورأي من عندهم، أم بالسُّنة؟

قلت: الظاهر أنه كان باجتهاد منهم، فيرجع هذا إلى المسألة المختلف فيها، وهي أن الاجتهاد في عصره - عليه السلام - هل يجوز أم لا؟

فمنهم من جوزه مطلقا، وهو المختار عند الأكثرين، منهم الإِمام.

ومنهم من منعه مطلقا.

وقالت طائفة: يجوز للغائبين عن الرسول - عليه السلام - وعن نوابه من القضاة والولاة، دون الحاضرين.

وجوزه الآخرون للغائبين مطلقا، دون الحاضرين.

ومنهم من قال: يجوز إذا لم يوجد من ذلك منع.

<<  <  ج: ص:  >  >>