للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: أن قوله: "فأنزلت آية التيمم" إن كان المراد منه آية الوضوء التي في سورة المائدة، يلزم من ذلك أن يكون الوضوء فُرِضَ حين شُرع التيمم، وليس كذلك، بل الوضوء كان فرضا قبل ذلك، ومنذ افترضت الصلاة بمكة لم تصل صلاة إلا بوضوء مثل وضوئنا اليوم، وهذا ما لا يجهله أحد.

وأجيب بأن القرطبي وغيره ذكروا أنها أرادت آية النساء؛ لأن آيتها لا ذكر فيها للوضوء.

وقيل: يحتمل أن يكون نزل أولا أول الآية، وهو فرض الوضوء، ثم نزل عند هذه الواقعة آية التيمم، وهو تمام الآية، وهو {كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ} (١) أو يْحتمل أن يكون الوضوء كان بالسُّنة لا بالقرآن، ثم أنزلا معا، فعبرت عائشة بالتيمم؛ إِذْ كان هو المقصود.

الخامس: أن الجاحظ عمرو بن بحر، ذكر في كتاب "البرهان" أن الأسلع الأعرجي الذي كان يرحل للنبي - عليه السلام - قال للنبي - عليه السلام - يوما: "إني أجنبت وليس عندي ماء، فأنزل الله آية التيمم" على ما يجيء.

وأجيب: بأنه ضعيف، ولئن صح فجوابه أنه يحتمل أن تكون قضية الأعرجي (٢) واقعة في قضية سقوط العقد؛ لأنه كان يخدم النبي - عليه السلام - وكان صاحب راحلته، فاتفق له هذا الأمر عند وقوع قضية سقوط العقد.

فإن قيل: قد روى ابن أبي شيبة؛ في "مصنفه" (٣): عن عبّاد بن العوام، عن يزيد، عن سليمان بن موسى، عن أبي هريرة: "لما نزلت آية التيمم لم أدر كيف أصنع، فأتيت


(١) سورة النساء، آية: [٤٣]،، وسورة المائدة، آية: [٦].
(٢) في "الأصل، ك": الأعرج، والمثبت الصواب، نسبة إلى بني الأعرج بن كعب، وانظر: "الإصابة" لابن حجر (١/ ٥٢).
(٣) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ١٤٧ رقم ١٦٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>