للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - عليه السلام -[فلم أجده، فانطلقت أطلبه، فاستقبلته، فلما رآني عرف الذي جئت له] (١) فضرب بيديه ضربة إلى الأرض، فمسح وجهه وكفيه" انتهى. وهذا مشكل لأن إسلام أبي هريرة بعد نزول آية التيمم بزمان؛ لأنه أسلم عام خيبر، وكانت في سبع من الهجرة، ونزول آية التيمم كان في سنة خمس أو ست، على ما بَيَّنَّا من الاختلاف فيه.

قلت: استشكلوا هذا، ولم يُجبْ أحد عنه، وقد وقع في خاطري من الأنوار الربانية: أنه لما أسلم، وبلغه آية التيمم وتعلمها، لم يدر كيف التيمم، فسأل النبي - عليه السلام - عنه، فَعَلَّمه إياه، ثم إنه لا أَخْبر به قال: "لما نزلت آية التيمم"، بناء على نزولها فيما مضى، لا في تلك الحالة، فيكون التقدير: لا نزلت آية التيمم وتعلمتها بعد إسلامي، لم أدر كيف أصنع، فسألته - عليه السلام -، فضرب بيديه إلى الأرض فمسح وجهه وكفيه (٢).

ثم إنه يستفاد من الحديث المذكور أحكام:

الأول: خروج النساء مع الرجال في الأسفار والغزوات، إذا كان العسكر كثيرا يؤمن عليهن، فإذا كانت له نساء فله أن يُخرج أيتها شاء، ويستحب أن يُقرع بينهن، فمن خرجت قرعتها أخرجها معه، وعند الأئمة الثلاثة القرعة واجبة.

الثاني: جواز التيمم بالصعيد الطاهر لكل مسلم، مريض أو مسافر، محدث أو جنب، ولم يختلف فيه علماء الأمصار بالحجاز والعراق والشام والمشرق والمغرب.

وقد كان عمر بن الخطاب وابن مسعود - رضي الله عنهم - يقولان: الجنب لا يطهره إلا الماء؛ لقوله -عز وجل- {كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ} (٣)، وقوله: {جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ} (٤) وذهبا إلى أن الجنب لم يدخل في المعنى المراد بقوله: {كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ


(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "مصنف ابن أبي شيبة".
(٢) قارن: "فتح الباري" (١/ ٥١٨).
(٣) سورة المائدة، آية: [٦].
(٤) سورة النساء، آية: [٤٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>