للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما روي عن أبي قَتَادَة، مما ذكرنا عنه من ذلك، فهو إرادة منه للقصد بالغسل إلى الجمعة لإصابة الفضل في ذلك. وقد روينا عن عبد الرحمن بن أبزى خلاف ذلك.

وجميع ما بيناه في هذا الباب قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

ش: هذا جواب عما احتج به ذاك المحتج بأخبار هؤلاء المذكورين؛ أي: قيل للمحتج المذكور: أما ما روي عن علي ... إلى آخره. وهو ظاهر.

فإن قيل: قد يجمع النظم قرائن الألفاظ والأسماء المختلفة الأحكام، والمعاني تنزلها منازلها وترتبها كما في قول عائشة - رضي الله عنها -: "إن النبي - عليه السلام - كان يغتسل من أربع: من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة ومن غسل الميت".

فأما الغسل من الجنابة فواجب بالاتفاق.

وأما الاغتسال من الحجامة إنما هو لإماطة الأذى؛ لأنه لا يؤمن أن يكون قد أصاب المحتجمَ رشاشٌ من الدم، فالاغتسال منها استظهار بالطهارة، استحباب للنظافة.

وأما الاغتسال من غَسْل الميت فقد اتفق الجمهور على أنه على غير الوجوب.

فيبقى الكلام في غسل يوم الجمعة، فلم لا يجوز أن يكون كغسل الجنابة بقرينة الأوامر الواردة فيه، وكذلك في قول علي - رضي الله عنه -، يكون غسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة مستحبًّا؛ لأن المراد منه الاستظهار بالنظافة في تلك الأيام، ويكون غسل يوم الجمعة فرضًا بقرنية الأوامر الدالة عليه في هذا الباب؟

قلت: لا نسلم ذلك؛ لأن الدليل قد قام أنه - رضي الله عنه - كان يفعله ويأمر به استحبابًا، فسقط الوجوب حينئذٍ، فيكون كلام علي - رضي الله عنه - على نسق واحدٍ في الدلالة على الاستحباب في الجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>