ولئن سلمنا: ذلك فنقول: السبب في ذلك هو أن زيادة العقل وكماله إلى حد يناط به التكليف أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه بغتة، لكونه يزيد على التدريج، وقد علم من عادة الشرع أنه يعلق الحكم على مظان الحكم لا على الحكم نفسه، والبلوغ مظنة كمال العقل، فلا جرم "علق" الشرع الحكم به، وإن كان قد يكمل بحيث يصلح أن يكون مناطًا للتكليف قبله.
وعلى هذا لا يجوز تكليف النائم في حالة النوم، لذهوله عن المأمور به، وعن شرائطه، ولعدم قصد الامتثال منه، بل هو بعدم جواز التكليف أولى من الصبي والمجنون، لفقده أصل الفهم دونهما.
ووجوب قضاء ما فاته من الصلاة والصيام في حالة النوم لا يدل على أنه مخاطب بهما في حالة النوم، لما عرفت أن القضاء يعتمد على وجود سبب الوجوب لا على الوجوب نفسه.
وإنما يجب عليه القضاء دونهما مع فقده أصل الفقد، لأن أمد زواله قريب، بخلاف الصبي والمجنون، لأنه يطول أمد زوالهما.
وعلى هذا لا يجوز تكليف الناسي أيضًا، لأنه ذاهل عما كلف به في حالة النسيان فيمتنع منه قصد الامتثال في المأمور به، على الوجه الذي أمر به.