والخصم إن قال بذلك فالاستدلال عليه بطريق الإلزام ظاهر، وإلا فهو محجوج بإجماع الفقهاء.
ورابعها: أن العقل، والبلوغ، والاستطاعة، التي هي شرط التكليف كانت موجودة في المكرة قبل الإكراه وهو لا ينافيها، بدليل مجامعتها معه.
وأما مجامعة الأولين معه فظاهر.
وأما الاستطاعة فكذلك:
أما أولاً: فلأن الكلام مفروض فيما إذا أمكنه فعله وتركه، إذ الإكراه لم ينته إلى حد الإلجاء.
وأما ثانيًا: فلأنه لو التزم المحذور الذي هدده به أمكنه تركه لا محالة، بخلاف الملجئ إلى الفعل بسببه، فإنه ليس له التمكن من الترك بوجه من الوجوه إذ الكلام مفروض فيما إذا صار فعله كحركة المرتعش.
وأيضًا لا خلاف بأنه مكلف بغير ذلك الفعل المكره عليه، ولو لم تكن شرائط صحة التكليف، حاصلة لما كان مكلفًا بغيره، إذ شرائط صحة التكليف لم تختلف بالنسبة إلى فعل دون فعل لاسيما بالنسبة إلى فرد دون فرد من نوع واحد، وإذا كانت الشرائط حاصلة ولا مانع يمنع المكلف من جهته عن التكليف وفاقا وجب القول بصحة التكليف لا محالة.
ولقائل أن يقول: الإكراه وإن لم يناف شرائط التكليف، لكن ينافي المعني المقصود من التكليف، وإذا كان كذلك امتنع التكليف معه ضرورة امتناع تحقق الشيء مع ما ينافي مقصوده.
وإنما قلنا: إن الإكراه ينافي المعني المقصود من التكليف، لأن المقصود من