مأمورًا] به عند حدوثه لا قبله، إذ لا يعقل أن يصير الفعل المأمور به مأمورًا به قبل الحدوث بدون أن يصير المأمور إذ ذاك، لكونهما متلازمين.
ونقل إمام الحرمين رحمه الله تعالى صريحًا أن مذهب أصحاب الشيخ: أن الفعل في حال حدوثه مأمور به، إذا ثبت الأمر فيه، وذكر في تعليله ما يدل على أنه ليس بمأمور به قبل حدوثه، وهذا هو الذي يقتضيه أصلهم: هو أن الاستطاعة عندهم مع الفعل لا قبله، لكن أصلهم الآخر: وهو جواز تكليف ما لا يطاق، يقتضي جواز الأمر بالفعل حقيقة قبل الاستطاعة.
فعلى هذا يكون المأمور مأمورًا قبل التلبس بالفعل، والمأمور به مأمورًا به قبل حدوثه، لكن لعلهم فرعوا هذا على استحالته، أو وإن قالوا: بجوازه لكنهم قالوا: ذلك بناء على عدم وقوعه.
ونقل الكل من المعتزلة: بأن الفعل إنما يصير مأمورًا به عندهم قبل حدوثه لا عنده، بل عنده ينقطع تعلق التكليف به، وهو اختيار إمام الحرمين.