وعلى هذا المأمور إنما يصير مأمورًا عندهم قبل التلبس بالفعل لا عنده، وهو موافق لأصلهم، وهو أن الاستطاعة قبل الفعل، وأن تكليف ما لا يطاق غير جائز.
ونقل بعضهم: أن الناس اتفقوا على جواز كون الفعل مأمورًا به قبل حدوثه، سوى شذوذ من أصحابنا، وعلى امتناع كونه كذلك بعد حدوثه.
واختلفوا في جواز كونه كذلك وقت حدوثه فأثبته أصحابنا ونفاه المعتزلة.
وبه يشعر كلام الشيخ الغزالي - رحمه الله تعالى -.
فهذا صريح في أن الخلاف بين / (١٨٦/أ) معظم الأصحاب، وبين المعتزلة في المأمور، والمأمور به إنما هو في وقت التلبس والحدوث لا قبله، والنقل الأول، يقتضي تحققه فيهما، فبينهما تناقض.
ولا يجمع بينهما بأن يقال: إن الأول: تفريع منهم على استحالة تكليف ما لا يطاق، كما ذكرتم.