وأما على رأي المعتزلة: فلا يخفى أنه لا يجب الشروع، وعلى هذا فقس كل ما يرد عليك، من أمثال هذه المسائل.
نحو قوله: إن صليت أو صمت فزوجتي طالق، ثم مات في أثنائها أوجن.
ونحو قوله: والله لأعتكفن صائمًا، وإن اعتكفت صائمًا فزوجتي طالق / (١٨٩/أ)، فاعتكف صائمًا ساعة، ثم مات.
واتفق الكل على أن المأمور لو علم أنه لا يتمكن من فعل المأمور به، فإنه لا يعلم أنه مأمور إلا على رأي من يقول بتكليف ما لا يطاق.
احتج الأصحاب بوجوه:
أحدها: أن الأمة مجمعة على أن المكلف إذا عزم على فعل المأمور به عند التمكن منه، أو ترك المنهي عنه، فإنه يكون متقربًا إلى الله تعالى بمجرده، وإن لم يتمكن منه.
وإنما قيدنا به لئلا يقال: إن ذلك في العازم المتمكن، وإن ذلك بناء على الظن الغالب بالبقاء، لأن الغالب من الظن فيما يتعلق بالمستقبل إنما يعتبر إذا لم ينكشف الأمر على خلافه، وأما إذا انكشف على خلافه فلا، وقد تقدم له نظائر.
وأجمعوا أيضًا: على أن من عزم على فعل ما ليس بمأمور به، أو على ترك ما ليس بمنهي عنه، فإنه لا يكون متقربًا إلى الله تعالى، فلو كان التمكن من الامتثال شرطًا لتحقق الأمر، لم يكن التقرب حاصلاً بمجرد العزم، لجواز أن لا يتحقق التمكن من الامتثال الذي هو شرط تحقق الأمر الذي فعل مقتضاه، إذ العزم عليه شرط استحقاق الثواب، لكنه خلاف الإجماع.