أحدهما: أنه لو كان مقتضيا للصحة لزم ترك مقتضاه في قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم}.
وقوله عليه السلام:"دعي الصلاة أيام أقرائك" وما يجري مجراهما من المناهي، نحو النهي وفي نهيه عن بيع المضامين والملاقيح، إذ لا يدل فيها على الصحة وفاقا، وترك مقتضي الدليل خلاف الأصل سواء كان لدليل أو لا دليل.
وثانهيما: أن الصحة غير مناسب للتحريم بل يضاد مقصوده، فإن مقصود التحريم أن لا يوجد الفعل، والقول بالصحة يضاد هذا المقصود لكونه أفضى إلى الوجود، والواضع حكيم فلم يجمع بينهما، والاستقراء يحققه فلم يدل عليه لا بلفظه ولا بمعناه، لأن شرط الدلالة المعنوية اللزوم إما قطعا أو ظاهرا، والتحريم لا يستلزم الصحة لا قطعا ولا ظاهرا وهو ظاهرن فلم يدل بمعناه أيضا فانتفت الدلالة من جهة اللفظ ومن الظاهر انتقاد دلالة القياس، والأصل عدم ما سوى ذلك.
احتج القائلون بأنه يدل على الصحة: بأن النهي من غير المقدور قبيح وعبث، بدليل أنه يقبح أن يقال للأعمى: لا تبصر، والمزمن: لا تمش، وإنما كان قبيحا وعبثا، لكونه غير متصور منه، فيكون النهي عن غير المتصور قبيحا وعبثا، وهو غير جائز على الحكيم.