أما أولا: فلأنه مبني على استحالة التكليف بما لا يطاق.
وأما ثانيا: فلأنه منقوض بالمناهي المحمولة على الفساد.
ولو قال: إن ذلك مستفاد من دليل آخر فقد عرفت جوابه غير مرة.
وأما ثالثا: فلأنه إنما يدل على الصحة، لو كان اللفظ محمولا على الموضوع الشرعي وإلا فبتقدير أن يكون محمولا على الموضع اللغوي، فلا، لأنه ممكن الوجود بعد النهي، والخصم ربما يمنع الوضع الشرعي، وبتقدير تسليمه لكن لا نسلم أنه يجب الحمل عليه في جانب النهي، فإن الذي قدمناه أنه يجب حمل لفظ الشارع على المعني الشرعي، فإنما هو في جانب الأمر لا في جانب النهي.
سلمناه / (١٩٨/أ): لكن إنما يلزم ذلك لو لم يكن النهي محمولا على النسخ، أما إذا كان محمولا عليه كما في قول الموكل لوكيله:"لا تبع هذا" فإنه وإن كان نهيا في الصيغة، لكنه نسخ في الحقيقة فلا، فلم قلتم: إن النهي ليس محمولا عليه؟ حتى يلزم ما ذكرتم؟
فإن قلت: الحمل عليه خلاف الأصل.
قلت: لا نسلم أنه خلاف الأصل، وهذا لأن النهي عندنا لا يدل إلا على مطلق تحريم الفعل، وهو أعم من أن يكون تحريما بطريق النسخ أو بدونه، وحمل المتواطئ على بعض جزئياته ليس خلاف الأصل، لأن المتواطئ عند