والحق ما ذهب إليه الشافعي رضي الله عنه، لأنه يفهم قول القائل: أنهاك من إيقاع الصوم في يوم النحر، ما يفهم من قوله:"أنهاك عن صوم النحر" من تحريم صوم يوم النحر.
ولا شك أن هذا مضادا لوجوب صوم يوم النحر، فكذا الأول: ضرورة أنه لا فرق بينهما في كونهما موجبين لتحريم الصوم.
فإن قلت: قضيتم بصحة الصلاة في الدار المغصوبة، وفساد صوم يوم النحر، فما الفرق بينهما؟ فإن كل واحد من الصلاة والصوم مأمور به، وكل واحد من الإيقاع والكون محرم فما الفرق بينهما؟.
قلت: الفرق بينهما ظاهر.
وهو من حيث الإجمال والتفصيل، أما الإجمال: فهو أن الخصم وإن قال: بصحة الصوم في يوم النحر، لكن الصوم المنذور فيه لتعيينه فيه لا غيره من الصيام.
وأما صحة الصلاة في الدار المغصوبة عند القائلين بها، فغير مختص بصلاة دون صلاة، والافتراق في الحكم يوجب الافتراق في الحكمة.
وأما الثاني: فهو أن متعلق النهي في الصلاة الدار المغصوبة أمر أجنبي عن الصلاة لا تعلق له بها، وهو الكون في المغصوب وإن حصل بين الكون المخصوص والصلاة المخصوصة ملازمة بسبب فعل المصلى.
فكأنه قال: صل ولا تلبث في المغصوب، فهو في نهيه غير متعرض