ويفارقه ويختلف باختلافهم من أهل ذلك اللسان، بل من لافظ واحد في ساعتين، بل في ساعة واحدة عند من يجوز استعماله في الحقيقة والمجاز، وإذا كان كذلك استحال أن يكون التناول عين الاستعمال أو مشروطا به.
وتلخيص العبارة في ذلك أن يقال: إن تناول اللفظ لمعنى، كدلالة الدليل على المدلول، فكما أنه ليس من شرط دلالة الدليل على المدلول أن يكون ثابتا، بل يجوزان ألا يثبت لمانع، فكذا ليس من شرط التناول أن يكون المتناول مرادا، بل يجوز أن لا يكون مرادا لعدم الاستعمال فيه.
فإن قلت: يجب تقييد التعريف "بالوضع" ليكون مانعا، وإلا لدخل فيه ما ليس منه، كالخطاب العام المحمول على عمومه، لأنه أخرج عنه بعض ما تناوله، وهو المعنى المجازي، لأن تناول اللفظ أعم من أن يكون بطريق الحقيقة أو بطريق التجوز، وكالخطاب المحمول على بعض مجازاته مصروف عن النقض، لأنه اخرج عنه بعض ما تناوله.
قلت: من يجوز استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز، أو في المجازات بأسرها عند تعذر حمله على الحقيقة، فذكر التقييد يفسد/ (٢٣٠/ب) التعريف عنده، لأنه حينئذ يصير غير جامع، إذ يخرج عنه ما ذكرتم من النوعين من الخطاب، مع أنها من جملة المخصوصات عنده.
وأما من لم يجوز ذلك فلا حاجة عنده إليه، لأن اللفظ بمجرده لا يتناول المعنى المجازي عنده، إذ المعنى من التناول مما لو جرد النظر إليه لغلب على الظن إرادة متناوله كالدليل، والمعنى المجازي ليس كذلك بالنسبة إلى اللفظ