بالنسبة إلى المسألة التي صفتها ما ذكروه وأما ما ذكروه من الدلالة عليه ثانيًا، فمن الظاهر أنه لا يستقيم على مذهبنا، فلا يصح به الاستدلال علينا، وإنما يصح الاستدلال على من يقول بالتحسين [والتقبيح]"فيه الأصح"، وإن أرادوا بذلك أنه يقطع بعدم المخصص وأن يجزم بإرادة العموم منه بالنسبة على نفسه، فهذا ينبغي أن يبنى على أن المصيب واحد أم كل مجتهد مصيب.
فإن قيل بالأول: فالقطع بعدم المخصص وبجزم إرادة العموم منه أيضًا باطل لما تقدم.
وإن قيل بالثاني: فصحيح إذ لو لم يقطع بعدم المخصص في حق نفسه لما كان قاطعًا بإصابته، بل جاز أن يكون مخطئًا.
واحتج لأبي بكر الصيرفي بوجوه:
أحدها: أن ترك التمسك بالعام لاحتمال وجود المخصص [يستلزم ترجيح المرجوح على الراجح، فإن احتمال وجود المخصص] مرجوح بالنسبة إلى اللفظ العام الدال على ثبوت الحكم، إذ هو معلوم قطعًا، وترجيح المرجوح على الراجح ممتنع عقلًا.
وثانيها: أن الأصل عدم المخصص، وذلك يوجب ظن عدم التخصيص، وهو يكفي في ظن إثبات الحكم.