وثالثها: أنه لو لم يجز التمسك بالعام إلا بعد طلب المخصص، لما جاز التمسك باللفظ على حقيقته إلا بعد الطلب أنه هل وجد ما يقتضي صرفه عن المجاز أما لا؟
بجامع تعليل احتمال الخطأ، لكن لا يجب ذلك، لأنه لا يجب ذلك عرفا، بليل أنهم يحملون الألفاظ على حقائقها من غير بحث عن أنه هل وجد ما يقتضي صرفها عنها أم لا؟ وإذا لم يجب ذلك عرفا فكذا شرعا للحديث المشهور.
ولقائل أن يقول: احتمال تطرق التخصيص إلى العام أكثر من احتمال تطرق التجوز إلى اللفظ، بدليل أنه ما من عام إلا وقد خص عنه البعض إلا قوله تعالى:{والله بكل شي عليم} وليس كل لفظ مستعمل تطرق إليه التجوز بمعنى أنه مستعمل في مجازه، فلا يلزم من وجوب طلب المخصص ثمة لدفع الاحتراز عن الخطأ المحتمل الغالب، وجوب طلب ما يصرف اللفظ عن حقيقته مع أنه ليس كذلك.