والمخلصين أقل من الآخر والأقل من الأقل أقل، فيلزم أن يكون كل واحد منهما أقل من نفسه وهو محال.
أو نقول بطريق آخر: وهو أنه تعالى استثنى الغاوين من العباد وهم أكثر المخلصين الباقين بعد الاستثناء، بدليل قوله تعالى:{وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}{بل أكثرهم لا يؤمنون}{ولا تجد أكثرهم شاكرين}{وقليل من عبادي الشكور}.
والاستقراء أيضا يشهد بذلك، فلو كان شرط المستثنى أن يكون أقل لما صح هذا الاستثناء، لكنه صح إذ ورد في كتاب الله تعالى، فدل ذلك على أنه ليس بشرط.
واعترض عليه بوجهين:
أحدهما: أنا لا نسلم أن "إلا" في قوله تعالى: {إلا من اتبعك} للاستثناء، بل هي عندنا بمعنى: لكن، فلم قلتم إن ذلك لا يجوز؟
سلمنا: أنها للاستثناء، لكن إنما يمتنع استثناء الأكثر لو كان عدد المستثنى والمستثنى منه "مصرحا، كما في استثناء الأعداد من الأعداد، أما إذا لم يكن" مصرحا به، كما إذا قال: أكرم الناس الذين يدخلون في داري إلا