وبقياس الاستثناء على التخصيص على ما استدل به بعض الأصحاب، فضعيف: إذ لا استثناء في الشعر، لأن معناه: أدوا المائة التي تسقط منها تسعون، ولا يلزم أن يكون سقوطها بطريق الاستثناء بل قد يكون بغيره، كما لو صرح وقال: أسقطت التسعين "من مائة".
والفرق قائم بين التخصيص والاستثناء، على ما عرفت ذلك من قبل.
وأما الدليل على فساد المذهب الثاني: خاصة وهو مذهب القاضي والحنابلة فقوله تعالى/ (٢٤٤/ أ): {إن عبادي ليس عليك سلطان إلا من اتبعك من الغاوين}. وقال حكاية عن إبليس:{لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين}. استثناء الغاوين في الآية الأولى: عن العباد فمقتضى هذا على رأي الخصم أن يكون المخلصون أكثر، ضرورة أنه ليس بعد الغاوين إلا المخلصون "ولأنه نفى عنهم سلطانه والذين ليس له عليهم سلطان هم المخلصون" بدليل قوله: {لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين}.
واستثنى المخلصين في الآية الثانية: ومقتضى هذا على رأيهم أن يكون الغاوين أكثر لما سبق، وحينئذ يلزم أن يكون كل واحد من الغاوين