واستدل بعضهم: على امتناع اللازم بوجه آخر وهو: أنه لو لم يكن (٢٥/أ) المتكلم حقيقة حقيقة فيمن صدر عنه الكلام لصح نفيه عنه، إذ هو لازم نفى الحقيقة على ما ستعرفه، ولوجب أن لا يحنث من حلف إلا يتكلم حقيقة عند تلفظه بتلك الحروف المفيدة. واللازمان ممتنعان، فالملزوم كذلك فيكون حقيقة فيه فيمتنع أن لا يكون حقيقة في شيء. وهذا مما لا بأس به. وإن كان فيه نظر: فإن لقائل أن يقول: أن تدعى أن صحة النفي لازم لفني الحقيقة مطلقا، أم لازم لنفي الحقيقة اللغوية.
فإن ادعيت الأول: فو مسلم لكن لا يلزم حينئذ من عدم صحة نفي المتكلم عمن صدر عنه الحروف المتوالية المفيدة أن يكون هو حقيقة فيه بحسب اللغة لجواز أن يكون حقيقة فيه بحسب العرف وكلامنا فيه إنما هو بحسب الحقيقة اللغوية.
وإن ادعيت الثانية: فهو ممنوع، وهذا لأن اللفظ إذا صار حقيقة في معنى بوضع عرفي أو شرعي، فإنه لا يصح نفيه عنه إلا مقيدا، ألا ترى أنه لا يجوز أن يقال: الخارج المستقذر ليس بغائط مطلقا، وإن كان يصح أن يقال إنه ليس بغائط في اللغة.
فإن ادعيت عدم صحة نفيه مقيدا أيضا: فممنوع وهو النظر بعينه في مسألة اليمين، بل يقوى فيها، إذ مبنى الإيمان على العرف، والحقيقة قد تترك فيها