وما ذكره منقوض بما إذا تقدم الخاص، وورد العام بعد حضور وقت العمل بالخاص، فإنه يجعله ناسخا مع أن ما ذكره قائم بعينه فيه، ولو فرق بأن شرط النسخ متحقق عند العلم بالتاريخ، وقد صلح أن يكون العام ناسخا له فوجب حمله عليه.
وهو غير معلوم التحقق عند الجهل به فهو غير قادح، لأن تحقق الشرط مع صلاحية وجود المقتضى لا يوجب تحقق المشروط، بل لابد معه من تحقق المقتضى قطعا أو ظنا، حتى يوجب تحقق المشروط قطعا أو ظنا، وكون اللفظ عاما إنما يقتضي ظن إرادة شمول الأفراد إن لو لم يلزم منه مفسدة، أما لو لزم فلا نسلم ذلك، ولا شك أن إلغاء الخاص مفسدة فوق مفسدة التخصيص.
ثم استدل الأصحاب على بناء العام على الخاص عند الجهل بالتاريخ في وجوه التعارض كلها سواء كان بين المتساويين، أو بين المختلفين في القوة والضعف بوجوه:
أحدها: وهو المعول عليه وهو الإجماع، فإن فقهاء العصور كلها من الصحابة والتابعين، وتابع التابعين، وهلم جرا إلى زماننا هذا، وغيرهم، في الأمصار بأسرها يسارعون إلى الحكم بالخاص على العام مع عدم علمهم بالتاريخ.
وعدم تخصيص ابن عمر رضي الله عنه لقوله تعالى:{ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}، ولقوله:{وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}