عليه، ثم إنه تعالى أخر بيانه عنه، لأنه قال:} ثم إن علينا بيانه {، لان كلمة "ثم" للتراخي والمهلة، على ما تقرر ذلك في اللغات، وذلك يدل على جواز تأخير البيان عن وقت الإنزال وهو المطلوب.
فإن قلت: لا نسلم أن المراد من البيان: هو البيان الذي اختلفنا فيه، وهو بيان المجمل والعموم والمطلق، بل المراد منه عندنا إظهارا وإشهاده للخلائق، فإن البيان في اللغة عبارة عن الإظهار على ما تقدم تعريفه، يقال: بان لنا الكوكب الفلاني إذا ظهر، وبان لنا سور المدينة إذا ظهر، وإذا كان كذلك فليس حمله على الإظهار خلاف الظاهر، بل هو على وقفه إذ حمل اللفظ على موضعه وهو الظاهر، فلم قلتم إنه لا يجوز الحمل عليه وأن يكون مرادا منه؟ ثم الذي يدل على أن الحمل عليه أولى، هو أن على تقدير الحمل عليه لا يلزم منه تخصيص "وأما على تقدير الحمل على البيان المختلف فيه يلزم منه تخصيص" الضمير الذي في قوله:} ثم إن علينا بيانه {، لأن ذلك الضمير راجع إلى ما ترجع إلية الضمائر التي قبله، لئلا يلزم عود الضمير إلى غير المذكور وهي التي في قوله:} لا تحرك به لسانك / (٢٩٧/أ) لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه {.