أما أولا: فلأن أول هذه الضمائر هو الذي في قوله:} لا تحرك به لسانك لتعجل به {.
إما أن يكون راجعا إلى القرآن وإلى بعضه، إما معينا، أو غير معين، والقسمان الأخيران باطلان فتعين الأول.
أما الأول: منهما فلعدم دلالة الدليل عليه، إذ الأصل عدم ما يظن دليلا عليه.
وأما الثاني: فلاستلزام الإجمال، وأما ما يعمهما فلأن دأبه عليه السلام بذلك ما كان مختصا ببعض القرآن دون بعض حتى نهى عنه، بل كان يفعل ذلك بكل القرآن حرصا على الحفظ فنهى عنه.
وإذا كان ذلك الضمير راجع إلى كل القرآن، وجب أن يكون ما بعده كذلك لئلا يلزم التخصيص.
وأما ثانيا: فلأن الضمير في قوله:} إن علينا جمعه وقرآنه {راجع إلى كل القرآن، لأنه لا يحصل مقصوده من جمع بعض القرآن وقراءته، وهذا لأن مقصود تأمين الرسول عليه السلام عما كان يخاف عليه، وهو ذهاب بعض القرآن عنه فإنه عليه السلام ما كان يعجل في التلقف إلا خوفا منه، بل إنما "يحصل" بجمع كل القرآن وقراءته فوجب أن يكون الضمير راجعا إليه تحصيلا للمقصود وتحسينا للتعليل، فإنه وارد لتعليل النهي.