يستقبح ولا يستهجن فاستقباح القول الأول، إما أن يكون لأنه أمر بالإكرام مع منافيه الذي هو/ (٣٣٠/أ) الفسق، أو لأنه أمر بالإكرام مع الفسق الذي هو منافيه مع قيد "أنه غير متعرض" لغير حالة الفسق لا بالإكرام ولا بعدمه على ما هو رأي الخصم فيه، وفي أمثاله، أو أمر بالإكرام في حالة الفسق وبعدمه في غير حالة الفسق التي فيها الأمر بالإكرام أجدر، والأمران الأولان باطلان فتعين الثالث.
أما الأول: منهما فلأنه لو قبح ذلك لفتح القول الثاني، لأنه فيه الأمر بالإكرام في حالة الفسق أيضًا.
أما الثاني: فلكونه عدميا إذ المركب من العدمي والقبيح وجودي، ولعدم مناسبته للاستقباح [كان خبره غير مناسب] لأنه التصريح بعدم إكرام الصالح هو القبيح لا عدم التعرض لإكرامه وعدمه، ألا ترى أن الرجل لو أمر بعدم إكرام الصالح لقبح منه ذلك، ولو لم يتعرض لإكرامه ولا لعدم إكرامه ويسكت عن القسمين لم يقبح منه ذلك وجزء العلة يجب أن يكون مناسبًا وإذا بطل الأمران تعين الثالث.
لا يقال: إنه وحده وإن [كان] لا يقبح لكن لا نسلم أنه مع الأمر بإكرام الفاسق لا يصح، وهذا فإن الشيء قد لا يقبح ابتداء لكن يقبح عند ذكر غيره، لأنا نقول لو قبح إذ ذاك فإنما يقبح، لأن تخصيص ذكر حالة الفسق بالإكرام ينبئ عن أن حالة غير الفسق بخلاف حالة الفسق عنده وذلك من قبيل المفهوم الذي لا يقول به الخصم، وهو أضعف من مفهوم الشرط فلم يجز أن يكون ذلك مستند القبح عندهم، ولو أورد بطريق الإلزام فدفعه