للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ما يفعله المكافي يكون من جنس ما فعله المكافي، ألا ترى أنه يحسن ذلك وإن كان فعل المحسن إقراضًا وفعل المحسن إليه إنقاذًا من الغرق أو الحرق وتخليصًا من العدو.

فإن قلت: إنما يفعله المحسن من جنس الحسنة المذكورة، والسنة ليس من جنس الآية المذكور في الآية.

قلت: الضمير لا يرجع إلى اللفظ إلا باعتبار مدلوله المراد منه، بدليل أن الاسم المشترك إذا استعمل في أحد مفهوميه، ثم أعيد إليه الضمير، فإنه لا يرجع إليه باعتبار ذلك المعنى. والمراد من الحسنة في قوله: ما يفعل معي من حسنة، ليس هو كل واحد واحد مما صدق عليه اسم الحسنة، وإلا لكان الضمير في قوله: أتيك بخير منها، راجعًا إليه لكنه باطل لاستحالة الإتيان بما هو خير من كل الحسنة، ولا ما صدق عليه اسم الحسنة وإلا لكان الضمير راجعًا إليه، وحينئذ لو أتى، بما هو خير [منه] من حسنة ولو كانت دون حسنة لكفى لكنه باطل، بل المراد منها الحسنة المفعولة.

أو يقال: إن المراد منها وإن كان غيرها لكن الضمير لا يرجع إلا إليها وحينئذ يعود ما ذكرناه من أنها لا تجب أن تكون من جنس حسنة المكافأ على أنا نعدل منه إلى مثال أظهر منه نحو ما يقال: ما أخذ منك درهما إلا آتيك بخير منه، فإنه لا يدل على أن الذي يأتي به إنما هو الدرهم، بل قد يكون غيره.

سلمنا: أن ما هو موصوف بالخير لا بد وأن يكون من جنس ما سبق.

لكن يقول: المراد من قوله: {ما ننسخ من آية}، ما ننسخ من حكم آية ليكون متناولاً للفظ والمعنى، لما ثبت أن نسخ الآية أعم من نسخ تلاوتها أو

<<  <  ج: ص:  >  >>