هذا فنقول: لو انتسخ الحكم الثابت بالإجماع فإما أن ينسخ بالنص: وهو باطل، لأن ذلك النص، إما أن يقال: إنه كان حاصلاً قبل حصول الإجماع، أو حصل بعده. والأول: باطل.
أما أولاً: فلأن شرط الناسخ أن يكون متراخيًا في الورود على ما عرفت ذلك، فالمتقدم في الورود يستحيل أن يكون ناسخًا.
وأما ثانيًا: فلأن ذلك الإجماع، حينئذ يكون على خلاف النص ضرورة أن المنسوخ مناف للناسخ، وهو خطأ ممتنع الصدور من أهل الإجماع.
والثاني: أيضًا باطل، إذ يستحيل ورود النص بعد وفاة الرسول عليه السلام. أو بالإجماع: وهو أيضًا: باطل، لأن ذلك الإجماع.
إما أن لا يكون عن دليل، أو يكون عن دليل. والأول: باطل، لأن القول أو الاعتقاد بغير دليل باطل، فكان الإجماع باطلاً ممتنع الصدور من أهل الإجماع.
ولقائل أن يقول: من يجوز صدور الإجماع عن تبخيت اندفع هذا عنه ويلزمه أن يجوز نسخ الإجماع بالإجماع، لأنه يجوز أن يحصل الإجماع الأول عن تبخيت ويصادف ما هو حكم الله تعالى على المكلفين في ذلك الزمان عن تبخيت ناسخ لحكم الإجماع الأول، وهذا الاحتمال أظهر لو قيل معه أنه ليس لله تعالى في كل واقعة حكم معين، بل هو ما ذهب إليه المجتهد.