والأول ممنوع ولا يمكن دعواه؛ وهذا لأن من المعلوم بالضرورة أن نصب من لا يعرف ولا يؤبه به لا يظهر بسببه تفاوت البتة.
والثاني مسلم لكنكم لا توجبونه، فما هو دعواكم لا يوجبها الدليل وما يوجبه لا تقولوه به.
وأما الوجه الثاني فأنا نسلم أن الفعل مع المعاون والمعاوق ليس هو كمع عدمهما، لكن لا نسلم أن المعاونة والمعاوقة تحصل بمجرد الإمام كيف كان بل الذي نسلم حصولهما من إمام ظاهر قوي قاهر، وأنتم لا توجبون ذلك، وحينئذ لا يلزم ما ذكرتم من المحذور.
سلمنا أن نصبه يوجب التفاوت المذكور لكن متى لا يجب ذلك إذا خلا عن جميع جهات القبح أم مطلقًا؟
والأول مسلم، لكن لا يحصل مقصودكم منه إلا إذا أقمتم الدلالة على خلوه عن جميع جهات القبح وأنتم ما فعلتم ذلك.
والثاني ممنوع، وهذا لأن بتقدير أن يكون مشتملاً على جهة من جهات المفسدة والقبح، لا سيما على الراجح، أو المساوي لا يجوز نصبه فضلاً عن أن يكون واجبًا، وهذا لأنه يكفي في كون الشيء قبيحًا اشتماله على جهة من جهات المفسدة. ولا يكفي بمثله في الحسن.
لا يقال: إنما نقيم الدلالة على خلوه عن جهات المفسدة وهي من وجهين:
أحدهما: أنه لا دليل على اشتماله على جهة من جهات المفسدة لأنا سبرنا وبحثنا فما وجدنا عليه دليلاً، وما لا دليل عليه يجب نفيه.
وثانيهما: أن جهات المفسدة مشهورة منحصرة في نحو الكذب، والظلم والجهل، وهي بأسرها زائلة عما نحن فيه فوجب القطع بعدم اشتمالها على