للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهة من جهات المفسدة.

لأنا نقول أما الأول: فلا نسلم أن ما لا دليل عليه في نفس الأمر وجب نفيه، فكيف ما لا دليل عليه في علم الإنسان؛ وهذا لأن الباري تعالى ما كان عليه دليل في نفس الأمر في الأزل ضرورة انحصار أدلته في مخلوقاته فلو كان ما لا دليل عليه في نفس الأمر وجب نفيه لزم نفي الباري تعالى في الأزل وهو كفر صريح.

وأما الثاني: فلا نسلم انحصار جهة المفسدة فيما نعلمه نحن من جهات المفسدة، وهذا لأن قبح صوم أول يوم من شوال ليس بشيء نعلمه من جهات القبح.

فإن قلت: ما ذكرتم من احتمال منقوض بوجوب معرفة الله تعالى، فإن غاية ما يمكن في تقرير أنها لطف واجب: اشتمالها على المصالح نحو أن يقال: أن العلم بوجود الصانع المنعم داع لقبول تكاليفه، باعث على أداء الواجبات العقلية، مانع من ارتكاب قبائحها، وداع لنفي معظم الجهل وأشده ظلمة ومضرة ولا يمكن إقامة الدليل على خلوها عن جميع جهات القبح، ولأن هذا الاحتمال متطرق إلى جميع ما يقال أنه لطف واجب على الله تعالى وأنه يبطل القول بفائدة التحسين والتقبيح وأنتم سلمتم في هذا المقام القول بهما.

قلت: أما النقض فمندفع، لأن الفرق بينهما حاصل، وهو أن المعرفة لطف واجب علينا فيكفي في وجوبها العلم باشتمالها على المصلحة وغلبة الظن بخلوها عن المفسدة، لأن غلبة الظن في حقنا قائم مقام العلم في وجوب العمل، بخلاف نصب الإمام فإنه لطف واجب على الله تعالى ولا يكفي في

<<  <  ج: ص:  >  >>