للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذينك القولين، وأنه لا يجوز العدول عنهما، وتسويغ القول الثالث يبطل ذلك فكان باطلاً.

وجوابه: أنه مشروط بعدم ظهور القول الثالث، فإذا ظهر زال الحكم لزوال شرطه. وهذا الاشتراط وإن كان محتملاً في الإجماع على القول الواحد، لكنهم حذفوه فيه، وقطعوا بعدم تطرقه إليه، وجزموا بوجوب الأخذ به دائمًا فلا يجوز التسوية بينهما إذ من شرط صحة القياس أن لا يكون الحكم مجمعًا عليه.

وثالثها: أن القول الثالث إن كان خطأ وجب أن لا يسوغ القول به، وإن كان صوابًا وحقًا لزم إجماع الأولين على الخطأ.

وجوابه: أنه لا يلزم من حقيقته خطأ ما سبق؛ لأن كل مجتهد مصيب.

سلمنا ذلك لكن لا نسلم أن ذلك ممتنع، وهذا لأن الممتنع عندنا إنما هو تخطئه كل الأمة فيما اتفقوا عليه لا مطلقًا، إذ يجوز خطأ بعضهم في المسألة، والبعض الآخر في مسألة أخرى.

سلمنا امتناعه مطلقًا لكن لا يلزم من خطئه أن لا يسوغ القول به لما سبق.

واحتج المجوزون مطلقًا بوجهين:

أحدهما: أن الشافعي - رضي الله عنه - أحدث القول الثالث في رد الجارية الثيبة الموطوءة المعيبة، وهو مناف للقولين السابقين، لأنهم متفقان على أنها لا ترد مجانًا، ولم ينكر عليه أحد من علماء عصره فكان إجماعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>