وأما ثانيًا: فلأنه ليس علة بطلان أحدهما إلا صحة الآخر فلو بطلا معًا لصحا معًا، أو يصحا معًا وهو أيضًا باطل، لاستحالة اجتماع النقيضين، ولما لم ينفك حصوله عن أحد هذه الأقسام الباطلة كان حصوله باطلاً.
وجوابه من حيث النقض، والتفصيل.
أما من حيث النقض، فلأنه يقتضي امتناع حصول الإجماع على حكم كان غير مجمع عليه غير الإجماع على تسويغ الاجتهاد في كل ما ليس مجمعًا عليه إذ أمكن أن يقال: إنهم أجمعوا على أن كل ما ليس مجمعًا عليه فيما بينهم فإنه يسوغ فيه الاجتهاد، ويجوز الأخذ فيه بكل ما أدى إليه اجتهاد المجتهد، فلو انعقد الإجماع على حكم كان غير مجمع عليه لزم تعارض الإجماعين.
وأما من حيث التفصيل: فهو أنا نقول: إن ذلك الإجماع كان مشروطًا بعدم الإجماع على قول واحد، فإذا حصل ذلك زال الحكم لزوال شرطه. وهذا وإن اقتضى إمكان اعتبار هذا الشرط في الإجماع على الحكم الواحد، وحينئذ يخرج أن يكون شيء من الإجماعات حجة دائمة وهو خلاف الإجماع لكن أهل الإجماع أجمعوا على عدم اعتباره فلا يمكن اعتباره.
وثانيهما: أنه لا يجوز حصول الإجماع بعد استقرار الخلاف وتمهيد المذاهب فكذا قبله، والجامع دفع ما ذكرنا من المحذور.
وجوابه: منع الحكم في الأصل ثم بالفرق على ما ستعرف ذلك إن