للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا لا يكون الإجماع السكوتي حجة.

وإذا احتمل سكوت الساكتين هذه الوجوه لم يكن سكوتهم دالاً على الرضا، وهذا معنى قول الشافعي - رضي الله عنه -: "ولا ينسب إلى ساكت قول".

اعترض عليه القائلون بحجية هذا الإجماع: أنكم إن عنيتم بقولكم: لا يكون سكوتهم دليلاً على الرضا به، أنه لا يكون دليلاً على الرضا قطعًا، فهذا مسلم، لكنه لا يفيدكم، إذ لا يلزم منه أن لا يكون الإجماع السكوتي حجة ظنية، وإن عنيتم به أنه لا يكون دليلاً على الرضا لا قطعًا ولا ظنًا فهذا ممنوع، وهذا لأن ما ذكرتم من الاحتمالات وإن كان السكوت محتملاً له لكن احتمالاً مرجوحًا، وإذا كان كذلك لم تكن تلك الاحتمالات قادحة في حصول غلبة الظن على الرضا.

أما الأول: وهو عدم الاجتهاد؛ فلأنه بعيد من الخلق الكثير والجم الغفير من المجتهدين من حيث الدين، ومن حيث الباعث النفساني، أما الأول فظاهر، وأما الثاني، فلأن من علم شيئًا أوله قدرة على تحصيل علمه بالنظر إلى ما حصل له من أسبابه، فإنه لا يطيق أن يصبر عنه إذا وقع الكلام فيه بين يديه.

وأما الثاني: فلأن كل واقعة يمكن أن تقع فإن الشارع لا بد وأن يكون قد

<<  <  ج: ص:  >  >>