للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أب الأب أبًا" وأنكروا على ابن عباس مخالفة خبر ربا الفضل، وأنكروا على أبي موسى الأشعري في أن النوم لا ينقض الوضوء، لمخالفة دليله وغيره من الصور التي ذكرها الخصم، فلو كان إجماع الأكثر حجة لكان حجة ظاهرة لا شك فيها، فكان يجب تحقق النكير على مخالفه جريًا على العادة، ولما لم ينكروا المخالفة، بل جوزوها وبحثوا عن مأخذها، فإن كان ظاهرًا جليًا تبعوه كما في قتال مانعي الزكاة، وإلا فإن كان مرجوحًا جدًا أنكروا عليه المخالفة، وإلا تركوه علمنا أنه ليس بإجماع، وبه خرج الجواب عن الثاني؛ لأنا لا نسلم أن الإنكار فيما ذكروه من الصور إنما كان لمخالفة الأكثر وإلا لا طرد، بل لمخالفة الدليل الظاهر الذي كان متمسك الأكثر وهو صريح في بعضها، وليس في بعضها إشعار ورمز إلى أن الإنكار إنما كان لمخالفة الأكثر.

ورابعها: لو انعقد إجماع مع مخالفة الواحد والاثنين، فأما أن يكون ذلك لخصوصية كون المخالف واحدًا أو اثنين، أو لعموم كونه أقل، والقسمان باطلان فبطل القول بالانعقاد.

أما الأول: فبالإجماع، إذ لم/ (٣٩/ أ) يجعل الخصم الحكم مقصورًا على ما إذا خالف الواحد والاثنان فقط هكذا أشعر إيراد البعض، ولأن قصر الحكم على خصوصية الواحد والاثنين تحكم محض.

وأما الثاني: فلأنه حينئذ يلزم أن ينعقد الإجماع إذا زاد المجمعون على النصف بواحد ولا قائل به، ولو جعل ذلك لعموم كونه أقل من عدد التواتر فهذا مع كونه باطلاً يساعده أكثر الخصوم فهو أيضًا باطل لكونه قولاً من غير دليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>