وخامسها: أنه لو انعقد إجماع الأكثر مع مخالفة الأقل فإما أن ينعقد إجماعًا قطعيًا، أو ظنيًا، والأول باطل؛ لأنه مختلف فيه، والأكثرون على عدم حجيته، ولا يبدع المخالف فيه ولا يضلل، فكيف يكون مقطوعًا به.
وأصل الإجماع وإن خالف في حجيته شذوذ من الناس لكنه يبدع المخالف فيه ويضلل وهو حادث مسبوق بإجماع الصحابة والتابعين، ولذلك أول النظام الإجماع وقال:"هو كل قول قامت حجيته" فالخصم معترف بذلك وهذا الإجماع ليس كذلك، ودعوى إجماع الصحابة والتابعين عليه بهت صريح والخصوم ربما يساعدون عليه على ما يشعر به إيراد البعض فيتعين أن يكون ظنيًا، وهو أيضًا باطل؛ لأنه حينئذ إما أن ينعقد على المخالف وغيره، أو ينعقد على الغير فقط.
والأول باطل، لأن فيه أمر المجتهد بالتقليد وترك العمل، والاعتقاد بما أدى إليه اجتهاده في المسألة الاجتهادية، وهو باطل في حق المجتهد، وأنه لا يجوز له أن يقلد مجتهدًا آخر، وبقولنا في المسألة الاجتهادية خرج عنه: ما إذا اتفق عليه مجموع الأمة [ثم خالف فيه مجتهد آخر فأنا نأمره بترك اجتهاده، والرجوع إلى ما اتفق عليه المجموع] لأن المسألة لم تكن اجتهادية إذ ذاك.
والثاني باطل أيضًا، أما أولاً فلمساعدة الخصم عليه، إذ لا يعرف أن من يسبق من المخالفين قال بذلك، بل كل من قال بحجيته قال بحجيته على المخالف وغيره. وأما ثانيًا فلإلحاق الفرد بالأعم والأغلب وإذا بطل القسمان بطل أن يكون إجماعًا.
واحتجوا بأمور:
أحدها: أن الأدلة التي تدل على أن إجماع مجموع الأمة حجة بعينها تدل