أما الأول فهو أن الصحابة أجمعت في زمان عمر - رضي الله عنه - على أن حد الشارب ثمانون وهو بطريق الاجتهاد، إذ روي أن عمر - رضي الله عنه - شاور الصحابة في ذلك فقال علي - رضي الله عنه -: (أنه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وحد المفترى ثمانون" وهذا تصريح منهم بأنهم إنما أثبتوا ذلك الحكم بالاجتهاد، وضرب من القياس، إذ مع وجود النص لا يتشبث بمثله، وحينئذ يعرف اندفاع ما يقال عليه: لعلهم أجمعوا عليه لنص لكنه لم ينقل استغناء بالإجماع.
وأجمعوا أيضًا على إمامة أبي بكر - رضي الله عنه - بالأمارة، إذ ليس ذلك لا عن دليل لما تقدم، ولا عن دليل هو نص، وإلا لأظهروه كما أظهروا قوله - عليه السلام -: "الأئمة من قريش" بل ذلك أولى بصراحة دلالته على التعيين، كيف وقد صرح في بعض ما نقل بالقياس والاجتهاد