أحدها: أن أدلة الإجماع منحصرة في الأدلة النقلية نحو قوله تعالى: {كنتم خير أمة} وقوله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} وغيرهما من الآيات التي تلوناها، والأخبار التي رويناها، وهي بأسرها لا تتناول إلا الصحابة، لأنهم هم المخاطبون وهم المؤمنون والأمة إذ ذاك وحينئذ يلزم أن لا يكون إجماع غيرهم حجة، وإلا لكان ذلك قولاً في الدين من غير حجة ودليل وهو باطل.
وجوابه ما سبق من قبل.
وثانيها: أن العلم بإجماع غير الصحابة متعذر، لتفرق المجتهدين في الأطراف بعد عصرهم، هذا إن قيل: أنه لا يعتبر في الإجماع إلا قول المجتهدين، وأما إن قيل المعتبر فيه قول الجميع من المجتهدين والعوام فالعلم به أظهر وما يتعذر/ (٤٦/ أ) العلم به يستحيل أن يجعل حجة لعدم الفائدة فيه.
وجوابه: أن النزاع في حجيته أن لو حصل، وحصل العلم به، وما ذكرتم لا ينفيه.
وثالثها: أن الصحابة أجمعوا: على أن كل مسألة لا يكون مجمعًا عليها فيما بينهم - فإنه يجوز الاجتهاد فيها، فلو كان إجماع غيرهم حجة أيضًا لزم جواز الاجتهاد، وعدم جوازه في المسألة التي لم يكن مجمعًا عليها فيما بينهم، ويكون مجمعًا عليها فيما بين غيرهم وأنه باطل، لأنه جمع بين النقيضين.