للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوابه: أنا لا نسلم أنه لا يحسن تكذيبهم حينئذ، ولا سلم أنهم صادقون فيه، وهذا لأن الشهادة هي الإخبار عن الشيء مع العلم به، أو مع العلم به، أو مع الظن به إن كان المشهود به مما يدخله الظن ويعتبر هو فيه، ولما لم يكن العلم بكونه رسولا حاصلا لهم لا جرم كذبهم الله تعالى فيما أخبروا عن أنفسهم بقوله: {نشهد إنك لرسول الله} فهو إذن خبر غير مطابق للمخبر عنه إذ المخبر عنه لهذا الخبر ليس هو نفس كونه رسولا حتى يلزم صدقه لكونه مطابقا، بل حصول العلم بكونه رسولا، ولما لم يكن هذا حاصلا لهم لا جرم كذبهم الله تعالى.

سلمنا عدم حسن تكذيبهم حينئذ، لكن لا نسلم أنه يحسن تكذيبهم على رأيكم أيضا بل الإشكال وارد على المذهبين؛ وهذا لأنكم إن جعلتم الخبر الصدق بارة عن الخبر المطابق للمخبر عنه مع اعتقاد أنه كذلك، لكن ما جعلتم الكذب عبارة عما لا يكون كذلك حتى لا يلزم من انتفاء ذلك المجموع الكذب، بل جعلتم الكذب عبارة عن الخبر الغير المطابق مع اعتقاد أنه غير مطابق، وهو غير حاصل فيما نحن فيه؛ ضرورة أنه مطابق إذ لا يشترط في الشهادة على هذا التقدير ما ذكرناه وإلا لحسن تكذيبهم / (٥٣/أ)، وحينئذ يلزم أن لا يحسن تكذيبهم أيضا فما هو جوابكم عن هذا الطرف فهو جوابنا عن طرف الصدق.

وأما المعقول فمن وجوه:

أحدها: أن من أخبر عن الشيء بناء على غلبة ظنه به، ثم تبين خلافه لم يقل أحد أنه كذب في ذلك الخبر ولذلك لا يأثم به، ولا يستحق الذم على ذلك.

وجوابه: أنا لا نسلم أنه لم يقل أحد أنه كذب، بل يقال: إنه كذب لكنه

<<  <  ج: ص:  >  >>