للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت خبراً في المعنى - لكن لفظ الشهادة مخالف للفظ الخبر، وذلك يقدح في مماثلتها مطلقا فلم يجب تساويهما في الحكم، فجاز أن يجري الله تعالى عادته بخلق العلم الضروري عندما يخبر المخبرون بلفظ الخبر والرواية، دون لفظ الشهادة، ولو سلم أن ما بينهما من التفاوت غير قادح في المثلية لكن كون الشهود يجتمعون عند أداء الشهادة في الغالب مظنة للاتفاق على الكذب، فلا جرم لم يحصل العلم لتمكن / (٦١/أ) هذا الاتهام في النفوس، بخلاف ما إذا أخبر المخبرون بلفظ الخبر، فإنهم يخبرون في الغالب متفرقين فيكون الاتهام زائلا فلا جرم يحصل العلم به.

سلمنا صحة ما ذكرتم لكنه منقوض بعدد "أهل القسامة" فإنه يجوز حصول العلم بقولهم من أن ما ذكروه من الدليل آت إذ أمكن أن يقال: لو أفاد قول خمسين صادقين العلم لأفاد قول كل خمسين صادقين، ولو أفاد قول كل خمسين ذلك لاستغنى القاضي عن تحليف عدد أهل القسامة لأنه حصل العلم بقولهم فلا حاجة إلى تحليفهم؛ إذ التحليف إنما هو لتقوية ظن الصدق وإن لم يحصل له العلم بقولهم قطع بكذبهم فلا حاجة إلى التحليف أيضا.

واعلم أن الاعتراض الأول قوي جدا، وأما الثاني فيمكن أن يجاب عنه: بأن ذلك لو كان قادحا في مماثلتهما وتساويهما في أن يحصل العلم الضروري عقيبهما لوجب أن لا يحصل القطع بالتسوية في ذلك بينما إذا صدر خبر بلفظ الشهادة، وبينما إذا صدر خبر آخر بلفظ الإخبار من الجمع الذي لا يمكن تواطؤهم على الكذب بعينه بتقدير حصول العلم عقيب الخبر الصادر بلفظ الإخبار واللازم باطل بالضرورة فالملزوم مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>