وثالثها: خبر الله تعالى، وصدقه متفق عليه بين المليين وأرباب الديانات، لكنهم اختلفوا في الدلالة عليه فنفاة التحسين والتقبيح اختصوا بمسلك، ومثبتوهما اختصوا بمسلك آخر، ومسلكان آخران غير مختصين بأحد الفريقين بل لكل واحد منهما الاحتجاج بهما.
فالمسلك الأول من مسلكي الفريقين وهو الأقوى وهو: أن الصدق صفة كمال، والكذب صفة نقص، وهو معلوم بالضرورة متفق عليه بين العقلاء والله تعالى منزه عن جميع النقائص باتفاق العقلاء، فوجب أن يكون منزها عن الكذب.
ولأن النقص طبيعته طبيعة عدمية، ولا تطرق للعدمي إلى واجب الوجود، ولأنه لو لم يكن منزها عن الكذب لكان الواحد من الممكنات حال كونه صادقا أكمل [منه] تعالى وذلك معلوم البطلان بالضرورة.
وثانيها: وهو إخبار الرسول - عليه السلام - عن امتناع الكذب عليه تعالى.
واعترض على هذا المسلك بأن صدق الرسول - عليه السلام - مستفاد من صدق الله؛ ضرورة أن صدقه مستفاد من دلالة المعجزة على صدقه، ودلالة المعجزة على الصدق قائم مقام التصديق بالقول والتصديق بالقول إنما يفيد صدق المصدق أن لو كان المصدق صادقا، فلو استفيد صدق الله تعالى من صدق الرسول لزم الدور.
وجوابه من وجهين:
أحدهما: أنا لا نسلم أن دلالة المعجزة على [التصديق يتوقف على