للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقه تعالى، وهذا لأن دلالة المعجزة على] تصديقه فيما يدعيه من الرسالة نازلة منزلة قوله: "أنت رسولي" ومعلوم أن دلالة هذا على كونه رسولا حين قصد به الإنشاء كما في قول القائل "أنت وكيلي" لا يتوقف على الصدق؛ لأن الإنشاء لا يتطرق إليه التصديق والتكذيب.

وحينئذ يندفع ما ذكرتم من الدور.

فإن قلت: فعلى هذا لا يلزم صدق الرسول في كل ما يخبر عنه بل إنما يلزم منه صدقه فيما يدعيه من الرسالة؛ لأن قوله: "أنت رسولي" لا يدل إلا عليه؛ لأن كونه صادقا في جميع الأمور أمر حقيقي، والإنشاء لا مدخل له في الأمور الحقيقية بل تأثيره في الأمور الوضعية؛ فإذن لا طريق إلى معرفة كون الرسول صادقا في كل الأمور إلا من قبل كون الله تعالى صادقا، وحينئذ يلزم الدور المذكور.

قلت: هذا الإلزام مشترك فإنا بتقدير أن نجعل دلالة المعجزة نازلة منزلة التصديق بالقول الخبري، فإنما نجعلها نازلة منزلته فيما يقترن به التحدي، والذي يقترن به التحدي إنا هو دعوى الرسالة وكونه مبعوثا من جهته تعالى، لا دعوى الصدق في كل الأمور فما هو جوابكم عن هذا فهو جوابنا عن ذاك، وليس ذاك إلا أن الصدق في كل الأمور ضرورة الصدق في الرسالة، فإنه لو لم يثبت الصدق في كل الأمور إذا ذاك لم يحصل مقصود الرسالة، فإن المقصود منها إنما هو الدعوى إلى الله تعالى، وهي إنما تتحقق بالترغيب على ما به الدعوة، والترهيب على تركه الموقوفين على التبليغ منه

<<  <  ج: ص:  >  >>