للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجزه عن تصديق رسله؛ وهذا لأن اللبس إنما يحصل من وقوعه على يد الكاذب، لا من إمكانه، فجاز أن يكون ممكنا لكنه يقطع بانتفائه فيحصل تصديق رسله مع إمكانه، وإنما يلزم ذلك لو لم يكن مقطوعا بالانتفاء.

واعترض عليه بوجه آخر وهو: أنه إن كان يلزم من اقتداره تعالى على إظهار المعجزة على يد الكاذب عجزه [عن تصديق رسوله فكذا يلزم من عدم اقتداره على إظهار المعجز على يد الكاذب عجزه] عنه فلم كان نفى أحد العجزين عنه أولى من الآخر؟

وأيضا إذا فرض: أن / (٦٥/أ) الله تعالى قادر على إظهار المعجز على يد الكاذب - فمع هذا الفرض - إن كان تصديق الرسول ممكنا لم يصح قوله: "أنه يلزم من إمكان ظهور المعجز على يد الكاذب عجزه عن تصديق رسله، وإن لم يكن ممكنا لم يلزم العجز؛ لأن العجز إنما يتحقق بالنسبة إلى الممكنات، فأما بالنسبة إلى المستحيلات فلا؛ وهذا لأنه لا يوصف الله تعالى بالعجز عن خلق نفسه.

وأيضا: إذا استحال أن يقدر الله تعالى على تصديق رسله إلا إذا استحال منه إظهار المعجز على يد الكاذب: وجب أن ينظر - أولا - أن ذلك هل هو محال، أم لا؟ وأن [لا] يستدل باقتداره على تصديق الرسل على عدم قدرته على إظهار المعجز على يد الكاذب؛ لأن ذلك تصحيح الأصل بالفرع وهو دور.

سلمنا سلامته عن الدور، لكن لا نسلم أنه يستحيل ظهور المعجز على يد الكاذب، وما ذكرتم من الدلالة فهو معارض بما أنه ممكن في نفسه ومقدور الله تعالى في جميع الأوقات، ولم يقبح عليه فعله نظرا إلى ذاته فوجب أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>