قلت: هب أنه كذلك، لكن لا يشترط علم سامع المتشابه بذلك الدليل وفاقا، فكذا ها هنا يجب أن يشترط علم سامع الظاهر الذي أريد منه غير الظاهر بذلك الدليل الذي يدل على امتناع إرادة ظاهرة، وحينئذ يرتفع الوثوق عن جميع ظواهر الكتاب والسنة؛ إذ لا سبيل إلى العلم بعدم ذلك الدليل الذي يدل على امتناع إرادة الظاهر منها، بل غايته أنه لم يوجد بعد الاستقراء والطلب لكن ذلك لا يدل على العدم. وهذا تمام كلامه في ضعف هذه الطريقة.
ولقائل أن يقول: هذا الإشكال غير مختص بالقائلين بالتحسين والتقبيح بل هو وارد على المذهبين، فإن بتقدير أن يكون قبح الكذب شرعيا أمكن أن يقال: الكذب المحكوم عليه بالقبح شرعا، أما أن يكون هذا أو ذاك إلى آخر ما ذكر، ولم يدع القوم أن قبح الكذب إذا كان عقليا أمكن إجراء خطاب الله تعالى على ظاهره على القطع حتى يكون ما ذكروه واردا عليهم، ثم لم لا يجوز أن يقال: الكذب المحكوم عليه بالقبح هو الخبر الذي لا يكون مطابقا للمخبر عنه ظاهرا مع عدم إرادة المتكلم لذلك الغير الظاهر منه على وجه التجوز وهو غير ما ذكروه من القسمين وهو ممكن الوجود؟
ورابعها: خبر الرسول - عليه السلام، وصدقه أيضا متفق عليه بين أرباب الملل والديانات، ودليل صدقه في كل الأخبار ظهور المعجزة على يده وهو ظاهر إن اقترن التحدي به وإلا فبالعرض، أي بواسطة ثبوت الرسالة كما تقدم.
وقال الشيخ الغزالي - رحمه الله -: (دليل صدقه دلالة المعجزة على صدقه مع استحالة ظهور المعجزة على يد الكذابين؛ لأن ذلك لو كان ممكنا لعجز الله عن تصديق رسوله) وهو [غير] مرضي؛ لأنه لا يلزم من إمكانه