الأمرين أو أحدهما بشرط الآخر فقد حصل الفرض، وإن كان القرائن وحدها فذلك لا يجوز؛ لأن القرائن بدون الخبر إن لم تكن مستقلة بالإفادة فظاهر، وإن كانت مستقلة فكذلك؛ لأن الأثر إذا وجد عقيب مجموع يكون لكل واحد من أجزائه مدخل فيه لم يجز إحالته إلى بعضه، وإن كان بحيث يكون مستقلا بذلك لو وجد وجد منفردا عن الباقي، كما إذا حصل العلم عقيب مجموع قرائن عدة، فإنه لم يجز إحالته على بعض تلك القرائن، وإن كان بحيث لو وجد جد منفردا عن البقية لكان مستقلا بإفادة ذلك العلم.
وثانيها: أن القرائن قل ما تعين نوعا من جني، وجزئيا من نوع، فإذا انضم إليه الخبر أفاد جزئيا معينا وهو غير مستفاد من القرائن.
وثالثها: أن العلم الحاصل من القرائن والخبر آكد من العلم الحاصل بالقرائن وحدها، والعلم بذلك ضروري، وهذا العلم المؤكد يستحيل حصوله من تلك القرائن وحدها.
وثانيها: أن الخبر مع القرائن التي يذكرها المخالف لو أفاد العلم لما جاز انكشافه عن الباطل، لكن اللازم باطل، لأنا إذا سمعنا الخبر عن موت إنسان، وشاهدنا القرائن التي يذكرها المخالف معه من البكاء عليه والصراح وشق الجيوب، وضرب الخدود، وإحضار الجنازة والأكفان والغسال فإنه ربما قد ينكشف أنه لم يمت وكان ذلك بناء على أنه أغمي عليه، أو لحقه سكتة، أو أظهر ذلك خوفا ممن أراد قتله في ذلك الوقت ولم يتمكن منه بعده.
وجوابه: أن المخالف لم يعين مع الخبر قرائن معينة لإفادة العلم حتى يرد عليه ذلك، ولا يلزم من عدم حصول العلم في بعض صور القرائن في بعض الأحوال أن لا يحصل في شيء من صور القرائن في كل الأحوال بل الأمر فيه مختلف بحسب الوقائع والأحوال والأشخاص والعبرة في ذلك بحال سامع الخبر المحتف بالقرائن، فإن حصل له العلم علم أنه مفيد له وإلا فلا.