أحدها: أنه لو استحال فإما أن يستحيل لذاته، وهو باطل؛ لأنه لا يلزم من فرض وقوعه محال نظرا إلى ذاته وهو ظاهر، أو لغيره وهو أيضا باطل.
أما أولا: فلأنه لو فرضنا تصريح الشارع بذلك بأن يقول: مهما ظننتم صدق الخبر المروي عنه فاعلموا أني أوجبت عليكم العمل بمقتضاه لم يلزم منه لا لذاته، ولا لأمر خارجي محال.
وأما ثانيا: فلأنه لو استحال لذلك فإنما هو لحصول المفسدة على تقدير كونه كذبا؛ لأن القول باستحالته لغيره بغير هذا المعنى باطل بالإجماع، لكن ذلك باطل أيضا.
أما أولا: فلأن القول بالتحسين والتقبيح باطل، والتعليل بحصول المصالح والمفاسد العقلية في الشرع بدونه محال.
واما ثانيا: فلأنه ورد الشرع بوجوب العمل على مقتضى الظن من غير اعتبار مطابقته لما هو الواقع في نفس الأمر كما فيما إذا ظن صدق الشاهد والمفتي، وظن جهة القبلة وظن الأسير دخول شهر رمضان، وظن دخول وقت الصلاة في يوم الغيم، ووجوب ركوب البحر، ودخول البراري، إذا ظن السلامة، والمداواة إذا ظن أنه لم يفض إلى الهلاك فلو كان احتمال الخطأ على تقدير كذبه مانعا من الوجوب والجواز لما ثبت الوجوب والجواز فيما ذكرنا من الصور، وحيث ورد دل على أنه غير مانع منه.