للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أنه إذا رتب وجوب العمل على ظن صدق خبر الواحد، فها هنا مدرك الوجوب هو ظن صدقه لا صدقه، وظن صدقه معلوم قطعا فكان مدرك الوجوب معلوم قطعا فلا يحتمل الغلط والخطأ فكان جائزا، كما إذا رتب وجوب العمل على العلم بصدق الخبر في المتواتر وغيره، وهذا هو المعنى من قول الأصوليين: "إن الحكم معلوم قطعا، والظن وقع في طريقه".

وثالثها: أنا سنبين أنه وقع التكليف بالعمل بمقتضى خبر الواحد وذلك يدل على الجواز وزيادة.

احتجوا بوجوه:

أحدها: قوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}، وقوله: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، وقوله: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا}.

وجوابه ما سبق من الوجهين، ويخصه وجهان آخران:

أحدهما: أنها لا تدل على عدم جواز ورود التعبد بالظن وهو الذي فيه النزاع بل لو دلت فإنما تدل على عدم الوقوع، ولا يلزم من عدم الوقوع عدم الجواز.

وثانيهما: أنه لازم عليكم أيضا، فإن حكمكم بعدم جواز ورود التكليف بخبر الواحد اتباع للظن أيضا، إذ ليس عليه دليل قاطع فكان يجب أن لا يجوز وأما ادعاء أن عليه دليلا قاطعا مع أن ما يذكرونه لا يفيد الظن فضلا عن العلم مكابرة محضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>