وجوابه:[أنه] عنى بقوله: إن التكاليف مبنية على المصالح ودفع المفاسد أنها مبنية عليها عقلا فممنوع؛ وهذا لأنه قد تقدم القول ببطلان التحسين والتقبيح العقلي.
وإن عنى بها: أنها مبنية عليها شرعا فمسلم، لكنه لا يفيد لكون النزاع في جوازه واستحالته إنما هو من جهة العقل لا من جهة الشرع.
سلمنا لكن لما أوجب علينا العمل بما يغلب على الظن صدقه وإن كذب الخبر في نفسه لم يكن ذلك أمرا باتباع ما يجوز أن يكون مفسدة؛ لأن المأمور به هو اتباع ظن الصدق وهو معلوم قطعا يجده المجتهد من نفسه وعند وجوده من نفسه يوجب عليه العمل بمقتضاه وإلا لم يلزمه ذلك لاتباع صدق الخبر الذي هو محتمل فلم يلزم منه تجويز الأمر بالمفسدة.
لا يقال: إن الفعل إذا لم يكن منشأ للمصلحة لم يصر بسبب كونه مظنونا منشأ للمصلحة؛ لأن الظن لا يصير ما ليس بمصلحة؛ لأنا نمنع ذلك، وكيف لا ومدارك الأحكام معرفات ولا امتناع في أن يجعل الظن معرفا لذلك.
أما تجويز الأمر بالعمل بخبر الفاسق والصبي فلا نسلم امتناعه عقلا بل يجوز.
سلمنا أنه لا يجوز، لكن لا نسلم لأجل احتمال كونه كذبا، بل لأنه لم يغلب على الظن صدقه.
وثالثها: لو جاز ورود التعبد بخبر الواحد في الأحكام الشرعية الفرعية، لجاز في الأصول بجامع حصول غلبة الظن بصدقه، واللازم باطل فالملزوم مثله.