أنه كان متطهرًا، فإنه ينبغي أن يصح الاقتداء به على رأي، كما لو ظن أنه خنثى فاقتدى به، ثم تبين أنه كان رجلا [فإنه يصح الاقتداء] على رأي فلو كان ذلك شرطا على التعيين لما صح.
سلمناه لكن الظن المعتبر فيه دون الظن المعتبر في الرواية، فلا يلزم من قبول قوله في الظن الضعيف قبول قوله في الظن القوي.
فإن قلت: أليس إن بعض العلماء كمالك - رضي الله عنه - يقبل شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجنايات التي تجري بينهم، مع أن الشهادة يعتبر فيها ما لا يعتبر في الرواية كالحرية، والذكورة، والعدد فكان قبول روايتهم على رأيهم أولى؟
قلت: من قبل ذلك فإنما قبل لمسيس الحاجة والضرورة، لأن الجنايات تكثر فيما بينهم، والحاجة ماسة إلى معرفتها، وإشهاد من يقبل قوله مطلقا متعذر أو متعسر، لعدم حضورهم فيما بينهم في الغالب، فدعت الحاجة إلى القبول، لا لأن قولهم مفيد للظن ومعتبر على الإطلاق؛ ولهذا لم يعتبر قولهم على غيرهم.
واعتبر أيضا في الجناية التي تجري بينهم لا في كل شيء وأن يكون ذلك قبل تفرقهم، ولو كان ذلك لأن قولهم مفيد للظن ومعتبر على الإطلاق لم يكن مقيدا بما ذكرنا من الأمور كغيرهم.