للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: أثبتم العدالة للصحابة مطلقا، فمن الصحابي حتى يعرف ثبوت العدالة له من غير بحث وفحص عن حاله.

قلنا: اختلفوا فيه:

فذهب الأكثرون إلى أن الصحابي: من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه ولو ساعة سواء روى عنه، أو لم يرو عنه، وسواء اختص به اختصاص المصحوب أو لم يختص به.

وهو مقتضى لفظ الصحبة من حيث الوضع، بدليل: أنه يصح تقسيم الصحبة إلى الصحبة ساعة، وإلى الصحبة مدة طويلة، فيقال: صحبه ساعة وصحبه طوال عمره، ومورد التقسيم يجب أن يكون مشتركا، وكذا يصح أن يقال: صحبه ولم يأخذ عنه العلم، ولم يرو عنه، ويقال: صحبه وأخذ عنه العلم وروى عنه، ولأن القائل لو قال: صحبت فلانا فإنه يصح أن يقال له: أصحبته يوما، أو شهرا، أو سنة؟ وهل أخذت عنه العلم ورويت عنه أم لا؟ ولو كان لفظ الصحبة موضوعا لطول الصحبة والرواية عنه لما حسن هذا الاستفهام.

وأما من حيث العرف، فإنه يقتضي طول الصحبة وكثرتها؛ إذ لا يطلق في العرف على من صحب إنسانا ساعة أنه صاحبه، وإنما يقال ذلك في المكاثر الملازم كما يقال: المزني صاحب الشافعي - رضي الله عنهما - وأبو

<<  <  ج: ص:  >  >>