إنكار الأصل إنكار نسيان وتوقف؛ إذ روى أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن روى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى باليمين مع الشاهد، ثم نسيه سهيل، فكان يقول إذا روى هذا الحديث: حدثني ربيعة عني أني حدثته عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وان هذا شائعا فيما بينهم، ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا.
وفي هذا الإجماع نظر؛ من حيث أن ابا حنيفة - رضي الله عنه - مخالف في هذه المسألة، لأن تفاريعه تدل عليه ظاهرا، وهو تابعي فكيف ينعقد الإجماع مع مخالفته؟ اللهم إلا أن يثبتوا إجماع من قبله من التابعين فتكون حجيته وعدم حجيته [مخرجه على اشتراط انقراض العصر في الإجماع، وعدم اشتراطه] على أن إثباته كالمتعذر.
وثانيها: وهو المعتمد في ذلك: أن المقتضى لقبول قول راوي الفرع موجود، وهو عدالته، وكون قوله مظنون الصدق، والمعارض الموجود وهو عدم معرفة راوي الأصل لذلك، وعدم تذكره له لا يصلح معارضا له؛ لأنه يمكن أن سمعه منه لكن نسيه وشذ عنه، فإن النسيان غالب على الإنسان ومن الذي يذكر جميع ما ذكر للناس طول عمره، وإذا كان كذلك وجب المصير إلى قبول قوله عملا بالمقتضى.