وثالثها: قياس الرواية على الشهادة، فإن شاهد الأصل إذا أنكر شهادة الفرع عليه فقال: لا أذكرها ولا أعرفها فإنه لا يقبل وفاقا، فكذا في الرواية، والجامع بينهما: اختلال ظن الصدق الناشئ من تطرق التهمة إليهما بالإنكار.
وجوابه: الفرق، وهو أن باب الشهادة أضيق من باب الرواية، بدليل أنه يعتبر فيها من الشروط ما لا يعتبر في الرواية، فلا يلزم من اعتبار ذلك القدر من التهمة فيها اعتباره في الرواية مع أن بابها أوسع منها.
ورابعها: أنه ليس للشيخ أن يعمل به، والراوي عنه فرعه فليس له أن يعمل به وإذا لم يعمل به الراوي لم يعمل به غيره بطريق الأولى.
وجوابه: أنا لا نسلم أن الشيخ ليس له أن يعمل به، فإنه إذا حصل له ظن صدق الفرع فله أن يعمل به؛ ولهذا كثير من المحدثين يروون عمن روى عنهم إذا نسوا وغلب على ظنهم صدقهم، نعم ليس له أن يعمل به إذا لم يحصل له الظن بصدقه كما تقدم، لكن لا يلزم من هذا أن لا يعمل الراوي به ولا غيره إذا لم يحصل له هذا الشك والريب الذي حصل له.