لا يقال: إن هذا ليس من قبيل ما نحن فيه، فإن عمارا لم يرو ذلك الخبر عن عمر - رضي الله عنهما - بل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فليس فيه دلالة على صورة النزاع؛ لأنا نقول: هب أنه كذلك، لكنا نقول: إذا لم يقبل هذا مع أنه لم يحصل فيه إنكار الأصل، فلأن لا يقبل ما أنكره الأصل بطريق الأولى؛ لأن اهتمام المستمع بما استمع أكثر من السامع الذي هو ليس من عهده الحديث في شيء، فإذا لم يتذكر هو مع التذكير مع شدة اهتمامه به كان ذلك أدل على عدم صحة الحديث من عدم تذكر السامع له، فإذا لم يقبل في هذه الصورة مع أن دلالته على عدم الصحة أقل، فلأن لا يقبل فيما إذا أن دلالته على عدم الصحة أكثر بطريق الأولى.
وجوابه: أنه فرق بين أن لا يقبل الحديث أصلا، وبين أن لا يقبله من حصل له فيه شك وريب، ولعل عمر - رضي الله عنه - إنما لم يقبله؛ لأنه أن مشككا فيه من حيث إنه لم يتذكر مع التذكير ولا يلزم من عدم قبوله له لهذا الشك عدم قبول غيره له مع أنه لم يحصل له الشك، ونحن لا ننازعكم أن الشيخ إذا حصل له الشك في رواية الفرع من حيث إنه لم يتذكر مع التذكير لم يجز له الأخذ بروايته، وليس له العمل به، لكن لم قلتم: أن غيره لم يحصل له هذا الشك لم يجز له الأخذ به والعمل به فإن فيه النزاع.
وثانيها / (٩٩/): أن الدليل ينفي جواز الأخذ بخبر الواحد كما تقدم غير مرة، ترك العمل به فيما إذا لو يوجد فيه إنكار الأصل؛ لأن الظن بصدقه هناك أقوى فيبقى فيما عداه على الأصل.