فأما احتمال روايته عن التابعي الذي يروي عن صحابي آخر، أو عمن لقي الرسول - عليه السلام - من الأعراب الذين لا صحبة لهم لو سلم أنهم ليسوا من الصحابة فمرفوض بالعادة؛ إذ لا يعهد منهم ذلك.
فأما التابعي أو تابع التابعين إذا قال: قال فلان من الصحابة أو التابعين، وكان ممن عاصره ولقيه، وصحبه فهذا ظاهر في الرواية عنه، وهو يوجب قبول روايته فيقبل ظاهرا بناء عليه.
ويحتمل أن يروى عن غيره، وهو يوجب عدم قبول روايته، لكنه مرجوح فلا يقدح في الظاهر، فلو علم أنه لم يرو عنه بل وصل إليه من غيره فهو مرسل مختلف فيه.
احتج أصحابنا بوجهين:
أحدهما: أن عدالة الأصل غير معلومة ها هنا فوجب أن لا تقبل، أما الأول؛ فلأن جهل الذات يستلزم جهل صفته، والعلم بذلك ضروري هو حاصل فيما نحن فيه؛ ضرورة أنه لم يسم المروي عنه، والعدالة صفة من صفاته فيكون الجهل بها حاصلا.
وأما الثاني؛ فلأن العدالة شرط قبول الرواية وفاقا وإن كان معناها مختلفا فيه، والجهل بالشرط يوجب الجهل بالمشروط فوجب أن لا تقبل.
فإن قيل: ما الذي تعنى بقولك: إن عدالة الأصل غير معلومة؟ إن عنيت به العلم بمعنى القطع فهذا مسلم، لكن بتقدير أن عرفناه بعينه فعدالته غير