[وإن عنيت به العلم بمعنى الظن فلا نسلم أن عدالته غير معلومة بهذا المعنى].
قوله: الجهل بالذات يستلزم الجهل بصفته.
قلنا: إن عنيت به أن الجهل لكنه حقيقة الذات يستلزم الجهل بصفته فهذا ممنوع.
وإن عنيت به أن الجهل به من كل الاعتبارات يستلزم الجهل بصفته فهذا مسلم، لكن لا نسلم أن الجهل به من كل الاعتبارات حاصل فيما نحن فيه؛ وهذا / (١٠٨/أ) لأنه معلوم باعتبار أنه مروي عنه؛ فإنه لما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلمنا قطعا أنه يمتنع أن يوري عنه علمنا أنه وصل إليه من شخص آخر، وإلا لكان كاذبا مفتريا على الرسول وذلك يقدح في قبول روايته، فهو إذن معلوم بهذا الاعتبار، وإذا كان معلوما باعتبار ما لم يستلزم الجهل بصفته، فلم قلتم: إن العلم بها بمعنى الظن غير حاصل فيه؟ وعليكم البيان، لأنكم المستدلون.
ثم إنا نتبرع في هذا المقام ونبين أن العلم بها بمعنى الظن حاصل؛ وذلك لأن نفس رواية العدل عن الشخص إن جعلت تعديلا له فظاهر، وإن لم تجعل تعديلا له وجب أن تكون الرواية على وجه الإرسال تعديلا له؛ وذلك لأن الظاهر من حال العدل الثقة إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون جازما بذلك، أو ظانا، وأنه لو ظن عدم صدوره من الرسول أو شك في ذلك لم يستجز من ينه أن ينقل عنه صلى الله عليه وسلم ما ليس له أن ينقل عنه لا سيما بعبارة يفيد ظاهرها الجزم بثبوته عنه - عليه السلام -، لما فيه من الكذب والتلبيس على من سمع ذلك منه، ولا يحصل له ذلك إلا إذا حصل له ظن عدالة المروي عنه